Image

حكم تشقير الحواجب


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فضيلة الشيخ

ماحكم صبغ بعض شعر الحواجب بلون مشابه للون البشرة حتى تصبح الحواجب وكأنها منمصة لكن بدون حلق أونتف بعض شعرها؟

أفيدونا جزاكم الله خيرا.

خلاصة الفتوى : أن  تشقير الحاجبين جائز لأنه لم يرد ما يحرمه فيبقى على الأصل، إذ ليس هو من النمص المحرم، وليس فيه تغيير لخلق الله تعالى، لكن يحرم فعله للتدليس على الخاطب. وتركه ورعا أولى.

 

الحمد لله وبعد فتوطئة للجواب عن السؤال نقول :

1-  إن صبغ الحاجبين أو بعضهما ليس من النمص باتفاق . فالنمص هو نتف الشعر من الوجه، ومنه قيل للمنقاش المنماص. والنامصة هي التي تنتف الشعر بالمنماص، والمتنمصة هي التي يفعل ذلك بها؛ كما في معالم السنن للخطابي

وقيل : إن النماص يختص بإزالة شعر الحاجبين؛ لترقيقهما ، أو تسويتهما، قَالَ أبو داود رحمه الله تعالى فِي "سننه": النامصة التي تنقش الحاجب حَتَّى تُرِقّه.

وقيل النمص ما كان بنتف ونحوه أما الأخذ دون نتف فليس بنمص. ولهذا قصر الحنابلة التحريم على النتف وأجازوا الحلق. وخالفهم الشافعية والمالكية فمنعوا مطلق الأخذ.

ومما يرجح اختصاص النمص المحرم بالحاجبين ما جاء عن عائشة رضي الله عنها من الترخيص للمرأة أن تحف جبينها لزوجها. أخرجه الطبري ، كما قال الحافظ في الفتح.

ورواه عبد الرزاق في مصنفه، وفيه أن المرأة قالت: يا أم المؤمنين، إن في وجهي شعرات أفأنتفهن أتقرب بذلك لزوجي؟ فقالت: أميطي عنك الأذى وتصنعي لزوجك كما تصنعين للزيارة.

وهذا يدل على أنه يجوز للمرأة حلق شعر الوجه ونتفه، عدا الحاجبين.

 

2-   ما علة المنع من النمص بعض العلماء  رأى أنها التدليس والغش ، ومنهم  رأى أنها تغيير خلق الله ابتغاء الحسن، ومنهم من رأى أنه لعلة مشابهة الفاجرات وأنه شعار لهن فإن تغير الحال ولم كن شعارا لهن فلا منع ، ومنهم من رأى أن علة المنع التعذيب والضرر الحاصل فيه بالنتف فإن خلى منه وكان قصا أو غيره لم يمنع ، وهكذا.

3-   مسألة التعليل لحرمة النمص ونحوه بتغيير خلق الله فضفاضة ولذا قال القرافي: (ما في الحديث من تغيير خلق الله لم أفهم معناه؛ فإن التغيير للجمال غير منكر في الشرع كالختان وقص الظفر والشعر وصبغ الحناء وصبغ الشعر وغير ذلك. ونقله العدوي في حاشيته ولم يتعقبه.)

4-  صبغ شعر الرأس أو الوجه ليس من تغيير خلق الله المذموم على فرض كونه هو علة منع النمص والتفلج  والوشم  والوشر وغير ذلك لما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :غيروا هذا بشيءٍ واجتنبوا السواد.

وفي حديث أبي رمثة قال: أتيت أنا وأبي النبي -صلى الله عليه وسلم-:«وكان قد لطَّخ لحيته بالحناء»

وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغون بالكتم ونحوه وجاء في الذّخيرة للقرافي المالكي: "اتّفقوا على جواز تغيير الشّيب بالصّفرة والحنّاء والكتم، وإنّما اختلفوا في الأفضل هل التّرك أو الفعل؟ والقولان لمالكٍ". وقال ابن عبد البر: "ولم يختلف العلماء في جواز الصبغ بالحناء والكتم وما أشبههما"

وبعض العلماء ذكر ان صبغ الشعر إن كان أسودا بلون آخر ابتغاء الحسن ومشابهة الغير من تغيير خلق الله لكن في هذا نظر. قال عياض في إكمال المعلم بفوائد مسلم (قال بعض علمائنا: وهذا المنهى عنه المتوعد على فعله فيما يكون باقياً، فإنه من تغيير خلق الله، فأما ما لا يكون باقياً كالكحل فلا بأس به للنساء والتزين به عند أهل العلم، وقد أجازه مالك للنساء، وكرهه للرجال، وكذلك أجاز أن توشى المرأة يديها بالحناء، وروى عن عمر إنكار ذلك وقال: إما أن تخضب يديها  كله أو تدع ، وأنكر مالك هذا عن عمر))

فمن مظاهر التزين والتجمل عند كلٍّ من الرجل والمرأة، تزيين الشَّعر وصبغه بالألوان، التي تزيد في جمال الشَّعر وجمال صاحبه، فقد جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من كان له شَعرٌ فليُكرمه وقال: «إن الله جميلٌ يحب الجمال». ومن الجمال صبغ الشعر.

ومن أسباب صبغ الشَّعر، وجود الرَّغبة في تغيير لون الشَّعر الطبيعي، وذلك من لونه المعتاد إلى لونٍ آخر، لسببٍ من الأسباب التي يراها صاحبها، ومن هذه الأسباب ما ذكره النووي في المجموع، أن البعض يرى أن كمال جماله يتحقق بتغيير الشَّعر الأسود إلى الأشقر، والبعض قد يرغب في بياض الشَّعر، لأجل الرئاسة والتعظيم والمهابة

 

وعلى كل فخلاصة القول في  صبغ الحواجب أو بعضها بلون أشقر لإخفاء بعض الشعر أنه ليس نمصا وهل يمنع إن كان لمجرد ابتغاء الحسن  لعلة تغيير خلق الله ومشابهة النمص ؟ أم أن ما كان من الصبغ ونحوه غير باق ليس من التغيير المحرم وفق ما ذكره بعض العلماء.

 في المسألة ، خلاف بين المعاصرين بعضهم حرم كما في فتوى اللجنة الدائمة وبعضهم أباح كما في فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله والقول بالجواز هو المفتى به في موقع الشبكة الإسلامية مع التنبيه على أن الأورع  والأحوط تركه مالم تطل الحواجب طولا فاحشا معيبا وهكذا :

والاحتياط في أمور الدين ** من فر من شك إلى يقين

والعلم عند الله

0 التعليقات: