‏إظهار الرسائل ذات التسميات الفتاوى المنشورة. إظهار كافة الرسائل
Image

المسافر إذا نوى الصيام هل له الفطر

الحمد لله  والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
 فالمسافر سفر قصر مباح له الفطر لكن لو اختار الصوم وأصبح صائما فهل له الفطر أم لا ؟
في المسألة خلاف  خلاصته أن بعض العلماء قالوا بجواز الفطر في حقه وأنه باق على رخصته  وهذا القول للحنابلة وهو منسوب للشافعية بل قيل هو المذهب .
وذهب الحنفية والمالكية إلى أنه ليس له الفطر بعد اختياره الصوم :
قال ابن عبد البرالمالكي في (التمهيد): اختلف الفقهاء في المسافر يفطر بعد دخوله في الصوم، فقال مالك: عليه القضاء والكفارة؛ لأنه كان مخيرا في الصوم والفطر، فلما اختار الصوم صار من أهله ولم يكن له أن يفطر. وهو قول الليث: عليه الكفارة. ثم قال مالك مرة: لا كفارة عليه. وهو قول المخزومي وأشهب وابن كنانة ومطرف. وقال ابن الماجشون: إن أفطر بجماع كفر لأنه لا يقوى بذلك على سفره ولا عذر له. وقال أبو حنيفة والشافعي وداود والطبري والأوزاعي والثوري: لا كفارة عليه انتهى.
    وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني: من نوى الصوم في سفره فله الفطر. واختلف قول الشافعي فيه فقال مرة: لا يجوز له الفطر. وقال مرة: إن صح حديث الكديد لم أر به بأسا. قال مالك: إن أفطر فعليه القضاء والكفارة. ولنا حديث ابن عباس وهو صحيح متفق عليه، وروى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغميم وصام الناس معه فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإن الناس ينظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون فأفطر بعضهم وصام بعضهم فبلغه أن ناسا صاموا فقال: أولئك العصاة. رواه مسلم. وهذا نص صريح لا يعرج على ما خالفه. اهـ.
قال النووي في المجموع  : (لو أصبح في أثناء سفره صائما ثم أراد أن يفطر في نهاره فله ذلك من غير عذر نص عليه الشافعي وقطع به جميع الأصحاب ... وإذا قلنا بالنص وقول الأصحاب إن له الفطر ففي كراهته وجهان (أصحهما) لا يلزمه للحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك)
 
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية : (إذا نوى في سفره الصوم ليلا وأصبح صائما من غير أن ينقض عزيمته قبل الفجر، لا يحل فطره في ذلك اليوم عند الحنفية والمالكية، وهو وجه محتمل عند الشافعية، ولو أفطر لا كفارة عليه للشبهة ... والشافعية في المذهب والحنابلة قالوا: لو أصبح صائما في السفر ثم أراد الفطر ، جاز من غير عذر، لأن العذر قائم - وهو السفر - أو لدوام العذر - كما يقول المحلي ). انتهى  
ومما استدل به القائلون بالجواز حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ، قَالَ " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَصَامَ حَتَّى مَرَّ بِغَدِيرٍ فِي الطَّرِيقِ ، وَذَلِكَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، قَالَ : فَعَطِشَ النَّاسُ ، وَجَعَلُوا يَمُدُّونَ أَعْنَاقَهُمْ ، وَتَتُوقُ أَنْفُسُهُمْ إِلَيْهِ ، قَالَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ ، فَأَمْسَكَهُ عَلَى يَدِهِ حَتَّى رَآهُ النَّاسُ ، ثُمَّ شَرِبَ ، فَشَرِبَ النَّاسُ " . وأصله في الصحيحين.  
 
هذا مجمل الأقوال وبعض الأدلة وقول من مال إلى جواز الفطر يعضده عموم الآية قوله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة : 185} ومنطوق الحديث
والخروج من الخلاف مستحب والاحتياط أورع .
والاحتياط في أمور الدين *** من فر من شك إلى يقين
والعلم عند الله.

Image

تصفيد الشياطين في شهر رمضان وليلة السابع والعشرين



السؤال حول تصفيد الشياطين في شهر رمضان ،،،،روي البخاري ومسلم عن الرسول صلي الله عليه وسلم أنه قال إذا جاء رمضان فتحت ابواب الجنة واغلقت ابواب النار،،،وسلسلت الشياطين،،،،،الرجاء من فضيلة الشيخ توضيح كيفية تصفيد الشياطين هل هو عام ام انه خاص بنوع منهم ولاباس ان تحدثنا عن الخوف لدى البعض من ليلة السابع والعشرين معتقدا ان الشياطن تطلق فيها ويمارس الناس طقوصا كحرق العلك وغيره (لمباركه)

الحمد لله والصلاة والسلام رسول الله أما بعد فإن  تصفيد الشياطين المذكور هنا بإطلاق فقد جاء مقيدا في أحاديث أخرى بالمردة خاصة وهم عتاة الجن 
ومعنى التصفيد :إما على حقيقته لكف أذاهم ، والمصفد بعضهم وهم : العتاة . قاله القرطبي أو التصفيد على المجاز لانكفاف الناس عنهم وإقبالهم على الخير وقلة سلطانهم على المؤمنين فيكونون كالمصفدين ويكون هذا عن أشياء دون أشياء وعن أناس دون أناس كما قال عياض رحمه الله. 
وعلى كل فوقوع الشر من بعض الناس لايلزم منه عدم تصفيد الشياطين لأن للشر اسبابا ومصادر غير الشياطين كالنفس الأمارة بالسوء وشياطين الإنس وغير المردة من الجن  والهوى .
: وأما خرافات ليلة السابع والعاشرين التي تقع في بعض البلاد الاسلامية فهي مما يضحك ربات الحداد البواكي لأنها ليلة مباركة بل هي ارجى ليلة في العشر الأواخر أن تكون ليلة القدر فرأي أبي بن كعب وابن عباس وكثير من الصحابة أن ليلة القدر ليلة السابع والعشرين من رمضان وكان أبي يحلف على ذلك ولا يستثني لعلامات رآها .
وليلة القدر سلام حتى مطلع الفجر فكيف تطلق فيها الشياطين بل هي مصفدة وفق ما بيناه في جميع رمضان أوله وآخره ، وحتى على فرض إطلاقها فإنه يستعاذ منها ويتحصن بالأذكار الواردة  لا بأشياء غريبة من دخان وأوراق أشجار والمنع من جهات في البيت ونحو ذلك إن لدينا عادات وتقاليد من أمر الجاهلية لا من أمر الإسلام ومن وحي الشيطان لا من الرحمن ولابد من التوعية والتواصي بالحق.... والعلم عند الله
د.أباي محمد محمود

Image

حكم تشقير الحواجب


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فضيلة الشيخ

ماحكم صبغ بعض شعر الحواجب بلون مشابه للون البشرة حتى تصبح الحواجب وكأنها منمصة لكن بدون حلق أونتف بعض شعرها؟

أفيدونا جزاكم الله خيرا.

خلاصة الفتوى : أن  تشقير الحاجبين جائز لأنه لم يرد ما يحرمه فيبقى على الأصل، إذ ليس هو من النمص المحرم، وليس فيه تغيير لخلق الله تعالى، لكن يحرم فعله للتدليس على الخاطب. وتركه ورعا أولى.

 

الحمد لله وبعد فتوطئة للجواب عن السؤال نقول :

1-  إن صبغ الحاجبين أو بعضهما ليس من النمص باتفاق . فالنمص هو نتف الشعر من الوجه، ومنه قيل للمنقاش المنماص. والنامصة هي التي تنتف الشعر بالمنماص، والمتنمصة هي التي يفعل ذلك بها؛ كما في معالم السنن للخطابي

وقيل : إن النماص يختص بإزالة شعر الحاجبين؛ لترقيقهما ، أو تسويتهما، قَالَ أبو داود رحمه الله تعالى فِي "سننه": النامصة التي تنقش الحاجب حَتَّى تُرِقّه.

وقيل النمص ما كان بنتف ونحوه أما الأخذ دون نتف فليس بنمص. ولهذا قصر الحنابلة التحريم على النتف وأجازوا الحلق. وخالفهم الشافعية والمالكية فمنعوا مطلق الأخذ.

ومما يرجح اختصاص النمص المحرم بالحاجبين ما جاء عن عائشة رضي الله عنها من الترخيص للمرأة أن تحف جبينها لزوجها. أخرجه الطبري ، كما قال الحافظ في الفتح.

ورواه عبد الرزاق في مصنفه، وفيه أن المرأة قالت: يا أم المؤمنين، إن في وجهي شعرات أفأنتفهن أتقرب بذلك لزوجي؟ فقالت: أميطي عنك الأذى وتصنعي لزوجك كما تصنعين للزيارة.

وهذا يدل على أنه يجوز للمرأة حلق شعر الوجه ونتفه، عدا الحاجبين.

 

2-   ما علة المنع من النمص بعض العلماء  رأى أنها التدليس والغش ، ومنهم  رأى أنها تغيير خلق الله ابتغاء الحسن، ومنهم من رأى أنه لعلة مشابهة الفاجرات وأنه شعار لهن فإن تغير الحال ولم كن شعارا لهن فلا منع ، ومنهم من رأى أن علة المنع التعذيب والضرر الحاصل فيه بالنتف فإن خلى منه وكان قصا أو غيره لم يمنع ، وهكذا.

3-   مسألة التعليل لحرمة النمص ونحوه بتغيير خلق الله فضفاضة ولذا قال القرافي: (ما في الحديث من تغيير خلق الله لم أفهم معناه؛ فإن التغيير للجمال غير منكر في الشرع كالختان وقص الظفر والشعر وصبغ الحناء وصبغ الشعر وغير ذلك. ونقله العدوي في حاشيته ولم يتعقبه.)

4-  صبغ شعر الرأس أو الوجه ليس من تغيير خلق الله المذموم على فرض كونه هو علة منع النمص والتفلج  والوشم  والوشر وغير ذلك لما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: أتي بأبي قحافة يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :غيروا هذا بشيءٍ واجتنبوا السواد.

وفي حديث أبي رمثة قال: أتيت أنا وأبي النبي -صلى الله عليه وسلم-:«وكان قد لطَّخ لحيته بالحناء»

وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغون بالكتم ونحوه وجاء في الذّخيرة للقرافي المالكي: "اتّفقوا على جواز تغيير الشّيب بالصّفرة والحنّاء والكتم، وإنّما اختلفوا في الأفضل هل التّرك أو الفعل؟ والقولان لمالكٍ". وقال ابن عبد البر: "ولم يختلف العلماء في جواز الصبغ بالحناء والكتم وما أشبههما"

وبعض العلماء ذكر ان صبغ الشعر إن كان أسودا بلون آخر ابتغاء الحسن ومشابهة الغير من تغيير خلق الله لكن في هذا نظر. قال عياض في إكمال المعلم بفوائد مسلم (قال بعض علمائنا: وهذا المنهى عنه المتوعد على فعله فيما يكون باقياً، فإنه من تغيير خلق الله، فأما ما لا يكون باقياً كالكحل فلا بأس به للنساء والتزين به عند أهل العلم، وقد أجازه مالك للنساء، وكرهه للرجال، وكذلك أجاز أن توشى المرأة يديها بالحناء، وروى عن عمر إنكار ذلك وقال: إما أن تخضب يديها  كله أو تدع ، وأنكر مالك هذا عن عمر))

فمن مظاهر التزين والتجمل عند كلٍّ من الرجل والمرأة، تزيين الشَّعر وصبغه بالألوان، التي تزيد في جمال الشَّعر وجمال صاحبه، فقد جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من كان له شَعرٌ فليُكرمه وقال: «إن الله جميلٌ يحب الجمال». ومن الجمال صبغ الشعر.

ومن أسباب صبغ الشَّعر، وجود الرَّغبة في تغيير لون الشَّعر الطبيعي، وذلك من لونه المعتاد إلى لونٍ آخر، لسببٍ من الأسباب التي يراها صاحبها، ومن هذه الأسباب ما ذكره النووي في المجموع، أن البعض يرى أن كمال جماله يتحقق بتغيير الشَّعر الأسود إلى الأشقر، والبعض قد يرغب في بياض الشَّعر، لأجل الرئاسة والتعظيم والمهابة

 

وعلى كل فخلاصة القول في  صبغ الحواجب أو بعضها بلون أشقر لإخفاء بعض الشعر أنه ليس نمصا وهل يمنع إن كان لمجرد ابتغاء الحسن  لعلة تغيير خلق الله ومشابهة النمص ؟ أم أن ما كان من الصبغ ونحوه غير باق ليس من التغيير المحرم وفق ما ذكره بعض العلماء.

 في المسألة ، خلاف بين المعاصرين بعضهم حرم كما في فتوى اللجنة الدائمة وبعضهم أباح كما في فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله والقول بالجواز هو المفتى به في موقع الشبكة الإسلامية مع التنبيه على أن الأورع  والأحوط تركه مالم تطل الحواجب طولا فاحشا معيبا وهكذا :

والاحتياط في أمور الدين ** من فر من شك إلى يقين

والعلم عند الله

Image

هل يجوز للجنب قراءة القرءان؟



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

شيخي الكريم،
هل يجوز للجنب قراءة القرءان؟ رجاء تبيين أقوال اهل العلم في ذلك بالتفصيل مع التركيز على أقوال السادة المالكية وخصوصا شراح المختصر ان أمكن.
وجزاكم الله خيرا.

الحمد لله وبعد فهذه المسألة مما اختلف فيه قال ابن رشد: (اختلف الناس في ذلك: فذهب الجمهور إلى منع ذلك، وذهب قوم إلى إباحته، والسبب في ذلك الاحتمال المتطرق إلى حديث علي أنه قال: «كان - عليه الصلاة والسلام - لا يمنعه من قراءة القرآن شيء إلا الجنابة» وذلك أن قوما قالوا: إن هذا لا يوجب شيئا ; لأنه ظن من الراوي، ومن أين يعلم أحد أن ترك القراءة كان لموضع الجنابة إلا لو أخبره بذلك؟ والجمهور رأوا أنه لم يكن علي - رضي الله عنه - ليقول هذا عن توهم ولا ظن، وإنما قاله عن تحقيق.) بداية المجتهد ج1ص55
ومن الجمهور القائلين بمنع الجنب من قراءة القرآن إجمالا الأئمة الأربعة 
واختار القول بالجواز الطبري وابن المنذر وداود الظاهري وابن حزم وهو ظاهر اختيار البخاري . وفق م ذكره ابن حجر في فتح الباري  ج 1 ص 486 – عند الحديث رقم 305 .
 وروي عن ابن المسيب وعكرمة أنهما كانا لا يريان بأساً بقراءة الجنب للقرآن, وممن قال بالجواز أيضا الشوكاني في نيل الأوطار ، ومن المتأخرين الشيخ الألباني رحمه الله .
وقد ذكرت أن مذهب مالك رحمه الله تعالى مع الجمهور القائلين بالمنع من حيث الإجمال وإن كان في المذهب أقوال وتفصيلات خلاصتها ما ذكره  أبو الحسن علي بن سعيد الرجراجي (المتوفى: بعد 633هـ)في منَاهِجُ التَّحصِيلِ ونتائج لطائف التَّأْوِيل في شَرحِ المدَوَّنة وحَلِّ مُشكِلاتها حيث قال(المشهور من مذهب مالك: أن الجنب لا يقرأ القرآن بيد أن أهل المذهب اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لا يقرأ القرآن جملة، وهو المشهور.
والثاني: أنه يقرأ القرآن جملة.
والثالث: التفصيل بين اليسير والكثير؛ فيقرأ اليسير، ولا يقرأ الكثير، وهذا الخلاف نقله الشيخ أبو الحسن اللخمي و هوالصحيح عن مالك أيضًا أنه قال: حَرصْتُ أن أجد رخصة للجنب في قراءة القرآن فلم أجدها, ولا بأس أن يقرأ اليسيرمنه)ج1ص175.
وما أشار إليه من قول بعضهم بالجواز جملة ضعيف في المذهب لا يأبه له ولا يذكر وإنما المعتمد هو المنع إلا مان يسيرا لتعوذ وتحصن ورقية واستدلال ونحوه.
قال خليل ابن إسحاق المالكي في المختصر(وَتَمْنَعُ الْجَنَابَةُ مَوَانِعَ الْأَصْغَرِ وَالْقِرَاءَةَ إلَّا كَآيَةٍ لتعوذ ونحوه))
قال الحطاب: (يعني أن الجنابة تمنع الموانع التي تقدم أن الحدث الأصغر يمنع منها ويزيد بمنع قراءة القرآن ظاهرا على المشهور إلا كالآية، قال في التوضيح: أي الآيتان والثلاث، وقوله: للتعوذ ونحوه، قال في التوضيح: يعني أنه لا يباح ذلك على معنى القراءة بل على معنى التعوذ والرقى والاستدلال ونحوه للمشقة في المنع على الإطلاق، انتهى. وقال في الذخيرة: قال في الطراز: ولا يعد قارئا ولا له ثواب القراءة، ثم قال (تنبيه) : حمل القرآن على قسمين: أحدهما ما لا يذكر إلا قرآنا كقوله {كذبت قوم لوط} [الشعراء: 160] فيحرم على الجنب قراءته؛ لأنه صريح في القراءة لا تعوذ فيه، وثانيهما ما هو تعوذ كالمعوذتين فتجوز قراءتهما للضرورة ودفع مفسدة المتعوذ منه، انتهى. وظاهره أنه المعوذتان جميعا فتأمله.) انتهى من مواهب الجليل في شرح مختصر خليل ج1 ص317
وذكر المواق في التاج والإكليل قول ابن عرفة: (تمنع الجنابة كالحدث قراءة القرآن في أشهر الروايتين (إلا كآية لتعوذ ونحوه) قال مالك: لا يقرأ الجنب القرآن إلا الآية والآيتين عند أخذه مضجعه أو يتعوذ لارتياع ونحوه لا على جهة التلاوة) انتهى منه ج1 ص462.
وذكر الخرشي في شرحه للمختصر قال (يَعْنِي أَنَّ الْجَنَابَةَ تَمْنَعُ كُلَّ مَا يَمْنَعُهُ الْأَصْغَرُ مِنْ صَلَاةٍ وَطَوَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ وَتَزِيدُ أَشْيَاءُ مِنْهَا الْقِرَاءَةُ بِحَرَكَةِ اللِّسَانِ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ إلَّا الْحَائِضَ كَمَا يَأْتِي وَمَحَلُّ مَنْعِ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْآيَةِ وَالْآيَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا عَلَى وَجْهِ التَّعَوُّذِ عِنْدَ رَوْعٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ عَلَى وَجْهِ الرُّقَى وَالِاسْتِدْلَالُ لِمَشَقَّةِ الْمَنْعِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَا يُعَدُّ قَارِئًا وَلَا لَهُ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ بَحْثٌ إذْ يَجُوزُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَةُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِ الْبَاجِيِّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ مَعًا لِقَوْلِهِ يَقْرَأُ الْيَسِيرَ وَلَا حَدَّ فِيهِ تَعَوُّذًا بَلْ رُبَّمَا يَشْمَلُ كَلَامُهُ قِرَاءَةَ {قُلْ أُوحِيَ} [الجن: 1] فَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ إلَّا يَسِيرًا لِكَتَعَوُّذٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ.)) ج1ص173. 
وقال القاضي عبد الوهاب في التلقين (ويمنع الجنب من القرآن إلا الآيات اليسيرة للتعوذ.)ج1ص32
ولعليش إضافة وتفصيل فقد قال في منح الجليل شرح مختصر خليل((و) تمنع الجنابة (القراءة) بلا مس مصحف ولو بحركة اللسان فقط وأما بالقلب فلا تمنعها الجنابة إذ لا تعد قراءة شرعا. ونقل ابن عمر الإجماع على جوازها من الجنب وإن توقف فيها في التوضيح (إلا) قراءة (كآية) في اليسارة والخفة (لتعوذ) كآية الكرسي والإخلاص والمعوذتين وظاهر كلام المصنف أن له قراءة " قل أوحي " وفي الذخيرة: لا يجوز للجنب قراءة {كذبت قوم لوط المرسلين} [الشعراء: 160] ولا آية الدين للتعوذ لأنه لا يتعوذ به نقله الحطاب وتبعه عج وغيره ورد بأن القرآن كله حصن وشفاء، وقد صرح ابن مرزوق بأنه يتعوذ بالقرآن كله وإن لم يكن فيه لفظ التعوذ ولا معناه (ونحوه) أي التعوذ كرقيا واستدلال على حكم شرعي أو غيره ومنه ما يقال عند ركوب دابة أو سفينة.)) انتهى ج1ص131.
وخلاصة قول المالكية أن الجنب لا يجوز له قراءة القرآن في المعتمد باللسان إلا ما كان يسيرا للتحصن عند النوم أو الخوف، وكذا لأجل الرقيا للنفس أو للغير أو لأجل الاستدلال على حكم من الأحكام الشرعية نحو: (وأحل اللَّه البيع وحرم الربا). 
وهل ذلك من باب القراءة مستثنى أم ليس منها هذا الأخيرهو ما عليه أكثرهم ولذا قال الدسوقي في حاشيته:(وتحرم "أي البسملة"إذا أتى بها الجنب على أنها من القرآن لا على أنها ذكر بقصد التحصن)
وعلى كل فالقول بمنع الجنب من قراءة القرآن قول  تعضده الآثار وتقتضيه الأخبار وإن كان في أسانديها  كلها مقال, لكن تحصل القوة بانضمام بعضها إلى بعض ومجموعها يصلح لأن يتمسك بها؛  ومن ذلك ما رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي الْخَلَاءَ فَيَقْضِي الْحَاجَةَ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَأْكُلُ مَعَنَا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَلَا يَحْجُبُهُ وَرُبَّمَا قَالَ لَا يَحْجُزُهُ عَنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا الْجَنَابَةُ ) هذا لفظ ابن ماجه . والله تعالى أعلم

Image

هل المشيمة أشبه بالعضو أم بالظفر والشعر؟




السؤال :هل المشيمة أشبه بالعضو أم بالظفر والشعر؟



 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فما يسمى بالمشيمة المتصلة بسرة الجنين عند ولادته قد اختلف فيها :فمن أهل العلم من نص على أنها تعتبر عضوا من المولود كما قال قليوبي حاشية: (وَالْمَشِيمَةُ الْمُسَمَّاةُ بِالْخَلَاصِ كَالْعُضْوِ لِأَنَّهَا تُقْطَعُ مِنْ الْوَلَدِ، فَهِيَ جُزْءٌ مِنْهُ.)
وعلى هذا الاعتبار فإنه يجب معاملتها معاملة العضو عند بتره . فلا يجوز إحراقها أو رميها في القمامة ، بل تصان وتحترم وتدفن كما لو كانت يدا أو رجلا أو غيرها من أعضاء الإنسان. وما ل إلى هذا الرأي أغلب المعاصرين  كما في فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم (8099) الصادرة في 21 / 2 / 1405 هـ  وفتوى وزارة الأوقاف الكويتية والفتوى رقم 18510 بموقع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف الإماراتية:
ومن العلماء من رأى أنها تعامل معاملة الظفر والشعر وهذا القول منسوب إلى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى : فقد سئل كما في موقع سؤال وجواب عما : إذا لم يكن لها"أي المشيمة" فائدة هل يجب دفنها ؟ أم تلقى في أي مكان ؟
فأجاب : الظاهر أنها من جنس الأظافر والشعر " أي لا حرج في إلقائها أو دفنها..) وقد يشهد لهذا الرأي حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يأمر بدفن سبعة أشياء من الإنسان: الشعر، و الظفر، والدم ، و الحيضة ، و السن ، و العلقة ، و المشيمة.) فجاء ذكرها مع الشعر والظفر والسن والفضلات من دم وحيضة وعلقة .وأمر بدفنها لتكريم الإِنسان بتكريم أجزائه ، وللنظافة بمواراتها وعدم التلوث بها. غير أن الحديث ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الجامع الحديث رقم : 4525 .
ولعل الأقرب إلى الصواب هو ما ذهب إليه الشيخ ابن عثيمين من اعتبار المشيمة كالشعر والظفر، واستئناسا بذلك الأثر، ولأن حقيقة المشيمة بعد انفصالها فضلة من الفضلات وخاصة ، فيستحب دفنها من باب الإكرام كما ذكر أهل العلم قال ابن قدامة في الشرح الكبير (ويستحب دفن ما قلم من أظفاره أو أزال من شعره ... قال مهنا سألت أحمد عن الرجل يأخذ من شعره وأظفاره أيدفنه أو يلقيه؟ قال يدفنه، قلت بلغك فيه شئ؟ قال كان ابن عمر يدفنه) وفي حواشي الشرواني : ويسن دفن ما يزيله من شعر وظفر ودم)
لكنها لو لم تدفن فلا إثم في ذلك ، لأن المكروه وهو مقابل السنة لا عقاب فيه . وقد بينا في فتوى سابقة جواز إحراق الشعر عند مشقة دفنه وكذلك ورد في الفتوى الصادرة عن دار الإفتاء رقم : 1279 :يستحب دفن ما أخذ من الشعور والأظفار ومواراته في الأرض. أما حرق الأظافر فلم نقف فيه على نهي، ولكن الاقتصار على ما ورد فيه دليل -وهو دفن الأظافر- أولى.)
وفي فتاوى اللجنة الدائمة 5/174 :لا حرج في رميها ولا يجب دفنها فإن ألقاها في الزبالة أو دفنها فلا بأس بذلك .
وإذا جاز إلقاء تلك الفضلات فإحراقها من باب أولى لأن فيه حفظا وصيانة ومنعا من أذاها  وبناء عليه فإن تعذر الدفن أو كان فيه ضرر فلا حرج في الإحراق حينئذ بل هو أولى من الإلقاء .
لكن لا ينبغي أن لا يصار إلى وسيلة من وسائل الإتلاف الأخرى في المشيمة  كالحرق إلا عند تعذر الدفن ، خروجا من الخلاف ، وعملا بالاحتياط ومراعاة لحرمة الإنسان وكرامته.
والله تعالى أعلم
 

Image

حكم الاستنساخ البشري






 الحمد لله الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم ، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين يحل لهم الطيبات ، ويحرم عليهم الخبائث. أما بعد .

 فاستنساخ كائن بشري حي، أوأكثرعن طريق توليده بنقل النواة من خلية جسدية إلى بيضة منزوعة النواة،أوبتشطير بييضة مخصبة في مرحلة تسبق تمايزالأنسجة والأعضاء، أو بأي وسيلة يتم فيها إقحام طرف ثالث على العلاقة الزوجية سواء أكان رحماً، أوبييضة، أم حيواناً منوياً، أمخلية جسدية، أم غير ذلك. فإنه يعتبر طريقة شاذة في تكاثرالبشر، وخروجا سافراعلى ناموس الله في الكون،وتغييراظاهرالخلق الله عزوجل،وقد قال تعالى: وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ [النساء:119]. وبناء عليه فإن تلك الطريقة محرمة شرعا وطبعا ؛ لما يلي :
أولا :لما يترتب عليها من تجريد الإنسان من إنسانيته وهدم كرامته ، ويتجلى ذلك بتعريض الأجنة المستنسخة للبيع والتشويه . فالاستنساخ يفضي حتما إلى وجود أجنة فائضة ليس أمامها إلا الموت، أوالاستزراع في أرحام نساء أخريات،فإنتركت للموت كان مؤدى هذه الطريقة هوالتسبب في إنشاء حياة ثم تركها تموت،وإن أودعت في أرحام أخري اتغيرالأمكان مؤدى ذلك أن تحملهذه الأرحام أجنة غريبة عنها،وكل ذلك لايجوزشرعاً.
 ثانيا: ما يؤدي إليه الاستنساخ من الاستغناء عن الزواج،وتشجيع عمليات الإجهاض، وهدم المجتمعات ،... إلى غيرذلك من الأضراروالمفاسد. وما قد يتوهم فيه من مصلحة مدفوع بما يترتب عليه من المفاسد العظيمة ، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، ولا سيما إن عظمت المفسدة وصغرت المصلحة قال شيخ الإسلام ابن تيمية :الواجب تحصيل المصالح وتكميلها،وتعطيل المفاسد وتقليلها،فإذا تعارضت كان تحصيل أعظم المصلحتي نبت فويتأدناهما،ودفع أعظم المفسدتين معا حتما لأدناهما هوالمشروع. انتهى. ولهذه الأسباب وغيرها كان القول بتحريم الاستنساخ البشري، هوالقول المتعين الذي تقتضيه قواعد الشريعة ومقاصدها. وقد نص مجمع الفقه في قراره حول الاستنساخ البشري رقم: 94 (2/10)[1]على :تحريم كل الحالات التي يقحم فيها طرف ثالث على العلاقة الزوجية سواء أكان رحماً، أوبييضة، أم حيواناً منوياً، أم خلية جسدية للاستنساخ . والله تعالى أعلم .