Image

هل يدخل أولاد البنات في الذرية حال الوقف أو الوصية.


السؤال

إذا قال الواقف أوقفت هذه الأرض أو هذه العمارة على فلان وعلى زوجاته وأولاده وتلامذته وذريته ونسله وعقبه.

فهل يدخل أولاد البنات في الوقف هنا أم لا.

الحمد لله  والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.

فدخول أولاد البنات فيمن ينتفع بغلة الوقف هنا بين لأنهم من الذرية وقد قال ابن العطار من المالكية: "الذرية تشمل ولد البنات اتفاقا لقوله تعالى: {ومن ذريته داود} [الأنعام: 84] إلى قوله تعالى {وعيسى} وهو ولد بنت". وانظر المقدمات الممهدات لابن رشد2/437. والتاج والإكليل للمواق  7/664.

ومع ما استدل به ابن العطار يستدل كذلك على شمول الرية لابن البنت بقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحسن: ابني هذا سيد..."، وهو ولد بنته. والحديث في صحيح البخاري.

ودخول أولاد البنات في الذرية حال الوقف عليها أو الوصية لها ذهب إليه بعض الحنابلة كأبي بكر، وابن حامد؛ لأن البنات من ذرية الموقوف عليه في قول الواقف على فلان وذريته من بعده، أو قوله لذريتي من بعدي، وقول أبي بكر وابن حامد حكاه عنهما أبو الخطاب في الهداية. وكذا حكاه القاضي عنهما فيما حكاه صاحب المستوعب، والتلخيص، كما ذكر المرداوي في الإنصاف بل قال:" إن كان في اللفظ ما يقتضي الدخول. فإنهم يدخلون بلا خلاف... ثم قال: وقال مالك بالدخول في الذرية دون العقب، وبه أقول. ". 7./81.

وما ورد في صيغة الوصية من تنويع الألفاظ الأولاد والذرية والنسل والعقب قرينة دالة على قصد العموم فيما تتناوله تلك الألفاظ على اختلاف مدلولها. والعطف بالواو المقتضي للمغايرة.

وقد قال ابن مفلح في المبدع في شرح المقنع من كتب الحنابلة 5/175:" والقول بدخولهم هو رواية ثابتة عن أحمد، قدمها في  المحرر  و  الرعاية ، واختارها أبو الخطاب في الهداية ؛ لأن البنات أولاده، فأولادهن أولاد أولاده حقيقة؛ لقوله تعالى: {ومن ذريته داود} [الأنعام: 84] وإلى قوله: {وعيسى} [البقرة: 136] ، وهو ولد بنته، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر: «إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» ، يعني الحسن، رواه البخاري. قال في " الشرح ": والقول بدخولهم أصح وأقوى دليلا. انتهى

وكما أشرت سابقا فإن قول الواقف "وعلى أولاده وذريته ونسله وعقبه" ظاهر في قصد دخول أولاد البنات وإلا لم يأت بكل هذه الألفاظ المختلفة الدلالة، لأن أولاد الأولاد يكفي في دخولهم أي لفظ من تلك الألفاظ، ومحل الخلاف هو أولاد البنات ولذا نوع الواقف الألفاظ وأتى بالذرية ليتناولهم الوقف. بل قال ابن رشد: ابن رشد:" صحيح في أن ولد بنت الرجل من ذريته وكذا نقول في نسله وعقبه" انتهى. من التاج والإكيل.

وعلى هذا فأولاد البنات ممن يستحق ريع ذلك الوقف.

والله أعلم

Image

يسوى بين الذكر والأنثى في غلة الوقف عند الإطلاق


السؤال

إذا قال الواقف أوقفت هذه الأرض أو العمارة على فلان  وأولاده من بعده، لينتفعوا بها في السكنى فقط.

فهل يسوى بين الذكر والأنثى أم يميز الذكر بضعف ما للأنثى؟.

وإذا كانت الأرض غير صالحة للسكنى واستخدمت في غرض تجاري له ريع فهل ريعه ينتفع به من كان حاضرا في نفس المكان فقط ؟، وأما من كان خارجه: في بلد آخر، أو مدينة أخرى، فلا يقسم له في الريع؟.

وإذا كان الريع يمكن أن يستأجر منه للموقوف عليهم ويبقى فضل فهل يعطون الفاضل نقدا؟.

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

فقد تضمن السؤال نقاطا يمكن إجمال الجواب عنها فيما يلي:

1-    يسوى بين الذكر والأنثى في غلة الوقف ولا يميز الذكر لذكورته. هذا من حيث الأصل لأن الواقف لم يميز الذكور بشيء دون الإناث قال خليل في مختصره " وَحُمِلَ فِي الإِطْلَاقِ عَلَيْهِ، كَتَسْوِيَةِ أُنْثَى بِذَكَرٍ".

وفي التاج والإكليل للمواق:" يحمل قول الواقف داري وقف على أولادي ولم يبين تفضيل أحد على أحد على التسوية بين الذكر والأنثى في المصرف فإن بين شيئا اتبع".
وقال ابن قدامة في المغني من كتب الحنابلة:" إذا وقف على أولاد رجل وأولاد أولاده استوى فيه الذكر والأنثى، لأنه تشريك بينهم، وإطلاق التشريك يقتضي التسوية، كما لو أقر لهم بشيء، ولا أعلم في هذا خلافا. اهـ.

 لكن للناظر أن يجتهد في قسمة الغلة، فمن يحتاج شقة صغيرة تندفع بها حاجته لقلة أفراد أسرته لا يعطى شقة كبيرة ومن يحتاج شقة كبيرة لكثرة عياله يعطى بحسب حاجته، كالنفقة؛ فمصروف الابن في الثانوية ليس كمصروف الابن قبل دخول المدرسة، وتفاضل المصروف هنا ليس تفضيلا؛ بل هو مراعاة للحاجة وهكذا.
وبالتالي فتمييز المحتاج ليس تفضيلا له وهذا مما يناسب قصد الواقف من حيث دفع حاجة هؤلاء، فقد تعطى الأنثى شقة أكبر أو تستأجر لها شقة أغلى لسعتها باعتبار حاجتها، وقد يفعل ذلك مع الذكر حسب المقتضي وهكذا.

2-  من لم يكن حاضرا بمكان الوقف لا يستحق الانتفاع فيما يظهر من لفظ الواقف لأنه قال للسكنى فقط ، والسكنى بالأرض الموقوفة يقتضي وجود المنتفع في نفس المكان، وغلة الأرض تعامل معاملة الانتفاع بعينها، فيؤجر من ريع البناء التجاري لمن هم في نفس المكان فإن فضل شيء، فلا بأس حينئذ أن يدفع لمن هم خارج المكان ليستأجروا به مساكن ويتحرى الناظر في ذلك أشدهم حاجة وأقربهم إلى بلد الوقف. هذا إذا لم يحتج الوقف للفاضل ليرد في صيانته وتعاهده. وأما استثمار غلة الوقف فلا يكون مع وجود حاجة الموقوف عليهم.

3-  ما زاد من غلة الوقف عن حاجة السكنى يمكن صرفه للموقوف عليهم ليدفعوه في حاجات السكنى كالماء والكهرباء ونحو ذلك ويمكن التوسعة به عليهم باعتبار أن الواقف لم يقيد الانتفاع بمقدار الحاجة بل قال وقفت هذه الأرض على ولدي وذريته إلخ.

وغلة تلك الأرض تعامل معاملة الانتفاع بعينها. والله أعلم