Image

المسافر إذا نوى الصيام هل له الفطر

الحمد لله  والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
 فالمسافر سفر قصر مباح له الفطر لكن لو اختار الصوم وأصبح صائما فهل له الفطر أم لا ؟
في المسألة خلاف  خلاصته أن بعض العلماء قالوا بجواز الفطر في حقه وأنه باق على رخصته  وهذا القول للحنابلة وهو منسوب للشافعية بل قيل هو المذهب .
وذهب الحنفية والمالكية إلى أنه ليس له الفطر بعد اختياره الصوم :
قال ابن عبد البرالمالكي في (التمهيد): اختلف الفقهاء في المسافر يفطر بعد دخوله في الصوم، فقال مالك: عليه القضاء والكفارة؛ لأنه كان مخيرا في الصوم والفطر، فلما اختار الصوم صار من أهله ولم يكن له أن يفطر. وهو قول الليث: عليه الكفارة. ثم قال مالك مرة: لا كفارة عليه. وهو قول المخزومي وأشهب وابن كنانة ومطرف. وقال ابن الماجشون: إن أفطر بجماع كفر لأنه لا يقوى بذلك على سفره ولا عذر له. وقال أبو حنيفة والشافعي وداود والطبري والأوزاعي والثوري: لا كفارة عليه انتهى.
    وقال ابن قدامة الحنبلي في المغني: من نوى الصوم في سفره فله الفطر. واختلف قول الشافعي فيه فقال مرة: لا يجوز له الفطر. وقال مرة: إن صح حديث الكديد لم أر به بأسا. قال مالك: إن أفطر فعليه القضاء والكفارة. ولنا حديث ابن عباس وهو صحيح متفق عليه، وروى جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغميم وصام الناس معه فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإن الناس ينظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون فأفطر بعضهم وصام بعضهم فبلغه أن ناسا صاموا فقال: أولئك العصاة. رواه مسلم. وهذا نص صريح لا يعرج على ما خالفه. اهـ.
قال النووي في المجموع  : (لو أصبح في أثناء سفره صائما ثم أراد أن يفطر في نهاره فله ذلك من غير عذر نص عليه الشافعي وقطع به جميع الأصحاب ... وإذا قلنا بالنص وقول الأصحاب إن له الفطر ففي كراهته وجهان (أصحهما) لا يلزمه للحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك)
 
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية : (إذا نوى في سفره الصوم ليلا وأصبح صائما من غير أن ينقض عزيمته قبل الفجر، لا يحل فطره في ذلك اليوم عند الحنفية والمالكية، وهو وجه محتمل عند الشافعية، ولو أفطر لا كفارة عليه للشبهة ... والشافعية في المذهب والحنابلة قالوا: لو أصبح صائما في السفر ثم أراد الفطر ، جاز من غير عذر، لأن العذر قائم - وهو السفر - أو لدوام العذر - كما يقول المحلي ). انتهى  
ومما استدل به القائلون بالجواز حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ، قَالَ " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَصَامَ حَتَّى مَرَّ بِغَدِيرٍ فِي الطَّرِيقِ ، وَذَلِكَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، قَالَ : فَعَطِشَ النَّاسُ ، وَجَعَلُوا يَمُدُّونَ أَعْنَاقَهُمْ ، وَتَتُوقُ أَنْفُسُهُمْ إِلَيْهِ ، قَالَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ ، فَأَمْسَكَهُ عَلَى يَدِهِ حَتَّى رَآهُ النَّاسُ ، ثُمَّ شَرِبَ ، فَشَرِبَ النَّاسُ " . وأصله في الصحيحين.  
 
هذا مجمل الأقوال وبعض الأدلة وقول من مال إلى جواز الفطر يعضده عموم الآية قوله تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة : 185} ومنطوق الحديث
والخروج من الخلاف مستحب والاحتياط أورع .
والاحتياط في أمور الدين *** من فر من شك إلى يقين
والعلم عند الله.

0 التعليقات: